الفصل الثانى " عش فى حدود يومك " :
صدر الشيخ هذا الفصل بجملة بليغة تلخص فكرة هذا الفصل فقال: ( من أخطاء الإنسان أن ينوء فى حاضره بأعباء مستقبله )،
وقد زاد البيان بمقولته الأخرى فى نفس الفصل (أتدرى كيف يسرق عمر المرء منه؟ يذهل عن يومه فى ارتقاب غده، ولا يزال كذلك حتى ينقضى أجله ويده صفر من أى خير)
ثم طفق يدلل على هذا المعنى بجملة من الآيات والأحاديث والكلمات المأثورة نذكر منها:
• } ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة {.
• } كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها {.
• وقال النبى صلى الله عليه وسلم " من أصبح آمنا فى سربه، معافى فى بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ".
• وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلفتنا إلى صحة هذه الطريقة فى تجزئة الحياة واستقبال كل جزء منها بنفس محتشدة وعزم جديد فهو صلى الله عليه وسلم إذا أصبح يقول: " أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله، لا شريك له، لا إله إلا هو وإليه النشور "
وإذا أمسى قال مثل ذلك، وقد يدعو: " اللهم إنى أصبحت منك فى نعمة وعافية وستر، فأتمم نعمتك على وعافيتك وسترك فى الدنيا والآخرة" . وإذا أمسى دعا بمثل ذلك.
• روى مسلم موقوفا أن رجلا سأل عبد الله بن عمرو ابن العاص: ألست من فقراء المهاجرين؟، فقال له عبد الله: ألك امرأة تأوى إليها؟. قال: نعم. قال: ألك مسكن تسكنه؟. قال: نعم. قال: فأنت من الأغنياء.. قال: فإن لى خادما. قال فأنت من الملوك.
• ويقول أبو حازم (أحد التابعين الثقات): (إنما بينى وبين الملوك يوم واحد!!. أما أمس فلا يجدون لذته. وأنا وهم من غد على وجل. وإنما هو اليوم. فما عسى أن يكون اليوم؟!).
• كتب ستيفن ليكوك يقول: (ما أعجب الحياة!! يقول الطفل: عندما أشب فأصبح غلاما، ويقول الغلام: عندما أترعرع فأصبح شابا، ويقول الشاب: عندما أتزوج، فإذا تزوج قال: عندما أصبح رجلاً متفرغاً، فإذا جاءته الشيخوخة تطلع إلى المرحلة التى قطعها من عمره فإذا هى تلوح وكأن ريحاً باردة اكتسحتها اكتساحا .... إننا نتعلم بعد فوات الأوان أن قيمة الحياة فى أن نحياها، نحيا كل يوم منها وكل ساعة).
• يقول توماس كارليل (أديب إسكتلندي وناقد ساخر ومؤرخ توفى فى 1881م): (ليس لنا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتا من بعد، وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح بيِّن).
وقد نوه الشيخ على أمر هام وهو:
أن العيش فى حدود اليوم لا يعنى تجاهل المستقبل، أو ترك الإعداد له، فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه حصافة وعقل، وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به، بين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقظ فى استغلال اليوم الحاضر وبين التوجس المربك المحير مما قد يفد به الغد، إن الدين فى حظره للإسراف وحبه للاقتصاد إنما يؤمن الإنسان على مستقبله، بالأخذ من صحته لمرضه، ومن شبابه لهرمه، ومن سلمه لحربه، ثم ضرب الشيخ مثالا على ذلك بأن سفيان الثورى كان من كبار التابعين، وكانت له ثروة حسنة، وكان يشير إليها ويقول لولده : لولا هذه لتمندل بنا هؤلاء ـ يقصد بنى أمية ـ . يعنى أن غناه حماه من حكام زمنه، فلم يحتج إلى مداهنتهم أو تملقهم،
وأرانى أريد إضافة مثال آخر لرجل من سادات التابعين وهو الحسن البصرى إذ يقول ( ليس الزهد فى الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن أن تكون بما فى يد الله أوثق منك بما فى يدك
كتاب جدد حياتك
تلخيص م- طارق عبد الفتاح
جروب بأيدينا مصر بكره احلى